مقدمات و أساسيات و تطبيقات علم التكنولوجيا الحيوية (1)

الهندسة الوراثية و السلامة الإحيائية (الأمان الحيوي)
Genetic Engineering and Biosafety


الجزء الأول


سلسلة من المقالات القيمة يمكن الاستدلال بها عند محاولة شرح مجال التكنولوجيا الحيوية و العلوم المتعلقة به للمتخصصين و غير المتخصصين.
تمت كتابتها بواسطة عبدالحكيم محمود، إعلامي علمي من دولة اليمن ونشرت على موقع منظمة المجتمع العلمي العربي.



وصف العلماء و مؤرخو العلم القرن العشرين بأنه قرن البيولوجيا، لأنه شهد تطور في فروع العلوم البيولوجية التي عرفها العالم منذ مطلع القرن التاسع عشر، و أبرزها الكيمياء الحيوية  Biochemistry و البيولوجيا الجزئية Molecular Biology و علم الخلايا Cell Biology و علم الجينات Genetics الذي ظهر كعلم مستقل في أواخر القرن التاسع عشر.

 و مع نمو  العلوم الفيزيائية في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر و تفاعلها  في المجالات المختلفة  أدّت إلى   ظهور  اهتمامات جديدة و نظرة علمية جديدة نحو الأجسام الحية تمتد جذورها إلى العصور القديمة على حد تعبير برنال في كتابة العلم في التاريخ.

و تكاد تكون البدايات الأولى لتحول علوم البيولوجيا هو الاهتمام بمكونات الخلية و التي شكّلت لاحقاً منطلق لما يعرف بالتكنولوجيا الحيوية  Biotechnology و هو اختراع الميكروسكوب اللوني عام 1827 حيث  استطاع العلماء من خلاله معرفة التركيب الدقيق للأنسجة و اكتشاف تكونها من وحدات صغيرة عُرفت حينها بالخلايا، تختلف عن بعضها في الشكل. و قد ساعد ذلك العلماء لمعرفة أن الجسم البشري يتكون من عدد لا يحصى من الخلايا و كان ذلك بمثابة نقلة نوعية في علم البيولوجيا.

  كل هذه التطورات في علم البيولوجيا و فروعه أدّت إلى ظهور ما يعرف بالتكنولوجيا الحيوية، و التي تطورت و أدّت إلى ظهور الهندسة الوراثية الحديثة و أبحاثها و مجالات تطبيقها على كل الكائنات الحية، البشرية و الحيوانية و النباتية.
و قد أسفرت هذه الأبحاث عن العديد من تقنيات الهندسة الوراثية و منها عملية التحوير الوراثي و إنتاج الأغذية المعدّلة وراثياً و التي قدمت للبشرية خدمات و فوائد لكن بالمقابل لا زالت الخلافات دائرة حول أخطارها، و التي نتج عنها الاتفاقيات و المفاهيم الخاصة بالسلامة الإحيائية و الأصول الوراثية و أخلاقيات الهندسة الوراثية من أجل حماية الإنسان و البيئة.

التكنولوجيا الحيوية و الهندسة الوراثية
 Biotechnology and Genetic Engineering 

لقد شهدت التكنولوجيا الحيوية تطورات و ثورات متلاحقة ابتداء من الزراعة النسيجية و التي أصبحت تُعرف بالتكنولوجيا الحيوية التقليدية أو تقنيات الجيل الأول وصولاً إلى التكنولوجيا الحيوية الحديثة و التي شهدت ثلاثة أجيال متلاحقة و هي: الهندسة الوراثية Genetic Engineering و نظام المعلومات الحيوية Bioinformatics و التقانات النانوية Nanotechnology.

و بناء على ما تقدم يمكن القول أن التكنولوجيا الحيوية: تعني بمعناها الشامل أي تطبيقات تكنولوجية تستخدم النظم البيولوجية أو الكائنات الحية أو مشتقاتها لصنع أو تغيير المنتجات أو العمليات من أجل استخدامات معينة مثل تطوير و تحسين الإنتاج من المحاصيل الزراعية و الحيوانات و إنتاج الأدوية و اللقاحات و تلك المنتجات التي يطلق عليها الكيموحيوية و هي تشمل التقنيات القديمة المعروفة مثل عمليات التخمير أو إنتاج الجبن إضافة إلى التقنيات الحديثة التي تعتمد على حمض  ال DNA المعاد صياغته و التي يُطلق عليها الهندسة الوراثية أو التكنولوجية الحيوية الحديثة.

  يُعّرف بروتوكول قرطاجنة المتعلق بالسلامة الإحيائية، التكنولوجيا الحيوية الحديثة بأنها: تقنيات داخل أنابيب الاختبار للحامض النووي و الحقن المباشر للحامض النووي في الخلايا أو العصبيات، كما يُعّرف البرتوكول التكنولوجية الحيوية بأنها عمليات دمج الخلايا للحصول على كائنات ذات خصائص و ميزات جديدة خارج الفئة التصنيفية التقليدية لهذه الكائنات و ذلك من خلال عزل المورِّث (الجين) من الكائن و التعرف عليه و تحديد  وظيفته و استنساخه و إعادة دمجه مع جينات لكائنات أخرى.  

 وانطلاقا من ذلك يطلق اصطلاح الهندسة الوراثية على التكنولوجيا الحيوية التقليدية و الحديثة .كما تُعرّف الهندسة الوراثية بالعلم الذي يهتم بدراسة كيفيه انتقال الصفات الوراثية من جيل إلى آخر و يُعنى بتفسير التشابه و التباين بين أفراد النوع الواحد في الكائنات الحية.

المفاهيم و الأسس العلمية للهندسة الوراثية

انطلاقاً مما تقدم يمكن تلخيص أهم المفاهيم العلمية التي تنطلق منها الهندسة الوراثية، و يأتي في مقدمتها مفاهيم فروع العلوم البيولوجية و أهمها البيولوجيا الجزيئية و الخلية و الكيمياء الحيوية، و علم الوراثة و علم الأحياء الدقيقة و علم النبات و علم الحيوان و علم المناعة و الهندسة الكيميائية.

  كما تقوم الهندسة الوراثية على مفاهيم المخزون الجيني الحامل للصفات الوراثية للكائن عن طريق التحكم في مكانها و وظيفتها و نقلها من مكان إلى آخر، و قد أدّى التنوع الجيني إلى تمكين الإنسان من اختيار نباتات ثم تحسين محاصيلها عن طريق الانتفاع من التنوع الجيني و في نهاية هذا القرن الماضي استخدمت تقنيات التهجين المخطط و أصبح التهجين أسلوباً لزيادة نمو المحاصيل و الحيوانات.

 و من المفاهيم و العمليات التي تقوم عليها الهندسة الوراثية أيضاً، القدرة على عزل المورّث (الجين) من كائن حي و نقله إلى كائن حي آخر، و بذالك يتم تخليق نباتات و حيوانات مهجنة جينياً تمتلك المميزات المرغوبة. بالإضافة إلى القدرة على تكوين اتحادات وراثية جديدة، و ذلك بخلط جينات وراثية معروفة لخلايا معينة مع جزيئات وراثية و تمكينها من التكاثر و إظهار قدراتها الوراثية في التحكم بوظائف الخلايا المضيفة التي تلقح بها مثل هذه المواد الوراثية المهجنة.

********************
 المراجع

1- العلم في التاريخ – الجزء الثاني – ج. د. برنال- المؤسسة العربية للدراسات و النشر.

2- تحديد أولويات اليمن في مجال التكنولوجيا الحيوية  - د. عارف سعيد الحمادي  - ورشة العمل حول التوعية بالاطار الوطني للسلامة الاحيائية.

3- استخدام الهندسة الوراثية في التحقيق الجنائي  ا.د.وجدي عبدالفتاح سواحل

4- الشفرة الوراثية للانسان -  دانيال كيلفس وليروي هود – عالم المعرفة


تعليقات

‏قال غير معرف…
اللى تخرج من الكليةدى بيشتغل اية؟

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأغذية المعدلة وراثيًا (1) Genetically Modified food

أمل جديد في علاج مرض وراثي عصبي بالخلايا الجذعية

Microbial Biotechnology التكنولوجيا الحيوية و الكائنات الدقيقة(1)